بلاحدود bilahodoud.ma
تعيش مخيمات تندوف منذ ليلة أمس السبت 18 أكتوبر 2025 حالة من الغليان والاحتقان الشديدين، عقب تسريب ما قيل إنها مسودة قرار جديدة لمجلس الأمن الدولي تدعم مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب كحل نهائي ودائم لقضية الصحراء. التسريب، الذي تناقلته عدة وسائل إعلام ومنصات رقمية، خلّف صدمة قوية داخل أوساط سكان المخيمات، وأثار جدلاً واسعاً بين من يصدق صحة الوثيقة ومن يشكك في مضمونها.
مصادر محلية أكدت أن حالة من الغضب تسود بين السكان، الذين وجه كثير منهم انتقادات حادة لقيادة جبهة البوليساريو، متهمين إياها بالفشل في إدارة الملف السياسي، بل وبـ”التفريط في القضية” بعد عقود من المعاناة والانتظار. وقد شهدت بعض الأحياء احتجاجات محدودة سرعان ما تم تطويقها من قبل عناصر الجبهة، وسط أجواء مشحونة بالتوتر.
وتزامناً مع هذه التطورات، زادت تصريحات دولية أخيرة من ارتباك قيادة البوليساريو، خاصة بعد تأكيد مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية أن “الرئيس ترامب يجدد دعم سيادة المغرب على الصحراء، وأن الوقت قد حان لإيجاد حل نهائي ومستدام، مع نية واشنطن فتح قنصلية قريبا في الأقاليم الجنوبية للمملكة”.
وأمام هذا الوضع، حاولت قيادة الجبهة احتواء الغضب من خلال نفي صحة التسريبات، حيث صرح ممثلها لدى الأمم المتحدة بأن “المسودة لا تمثل موقفاً رسمياً لمجلس الأمن، بل تعبر عن وجهة النظر الأمريكية فقط”. غير أن هذا التصريح زاد من فقدان الثقة، وعمّق قناعة العديد من السكان بأن الملف يتجه فعلاً نحو الحسم لصالح المغرب، وأن البوليساريو فقدت زمام المبادرة على الصعيد الدولي.
ويرى مراقبون أن ما يجري اليوم في تندوف يعكس تحوّلاً جوهرياً في وعي سكان المخيمات الذين بدأوا يدركون أن رهان الانفصال يوشك على نهايته، في ظلّ تنامي الدعم الدولي لمقترح الحكم الذاتي الذي يقدمه المغرب كحلّ واقعي وعملي للنزاع الممتد منذ عقود.
وتبدو المخيمات اليوم على أعتاب مرحلة مفصلية، بين قيادة فقدت شرعيتها الشعبية وساكنة تبحث عن أفق جديد بعيد عن الوهم والانغلاق، بينما تتجه الأنظار إلى نيويورك حيث يُرتقب أن يصدر مجلس الأمن قراره الرسمي، الذي قد يشكل بداية فصل حاسم في مسار قضية الصحراء المغربية.