رضوان سليماني – بلاحدود bilahodoud.ma
قال تعالى : {في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ* رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصلاةِ وَإِيتَآءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ والأبصار* لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يشاء بِغَيْرِ حِسَابٍ} (36ـ38).
إن المسجد هو تلك المنارة الشامخة والزاوية المضيئة، تعمل كل يوم وعلى مدار الساعة على تطهير قلوب عباد الرحمن من الدرن وأوساخ الدنيا، وشحنهم بالروحانيات التي تعينهم على خوض غمار الحياة في توازن بين متطلبات الجسد الفاني، وتهذيب النفس البشرية الجشعة، وبين النظر إلى الآخرة باعتبارها دار البقاء والقرار بعد الموت…
ولكم كانت المساجد قبلة لحجاج بيوت الله أكثر في شهر رمضان، فرمضان هو شهر القيام والصيام، فلا تراويح بلا رمضان، ولا رمضان بلا تراويح، إذ كان يهيب في النفس وأنت ترى جموع المصلين يؤمون إلى المساجد في أجواء إيمانية مهيبة، كهولا وأطفالا، نساء ورجالا، ماشين أو مهرولين، الكل يحمل سجادته ويتجه صوب المسجد ليعيش ذلك الاحتمال الروحي الذي يحييه قراؤنا المبجلون في خشوع وإنابة، تشحن المصليين بنفحات الإيمان، وتعطر قلوبهم وأسماعهم بآيات الذكر الحكيم.. هكذا كانت الصورة حتى الأمس القريب.
لكن وفي ظل هذه الجائحة، أغلقت بيوت الله لينطفئ ذلك النور الإلهي، وليحرم المصلون من محطة رمضان التي كانت تزودهم بالإيمان وتشحنهم باليقين الذي ينير طريقهم حتى بعد رمضان.
وقد عهد المسؤولون على إعلان منع الصلاة خلال هذا الشهر الفضيل، مما أثار موجة من الاحتجاج والسخط واللغط والتشكيك لدى العامة فضلا عن الخاصة، متسائلين لماذا هذا المنع إذ كان يفترض أن تتخذ إجراءات السلامة بذل الغلق الكلي، لأنه وكما نعلم، ليست هناك جرم أكبر من غلق بيوت الله تحت أي منها، اللهم إلا إذا كانت هناك مصلحة راجحة في هذا الغلق المؤقت، وإلا انطبق على هذا المسؤول قوله تعالى { ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها}.
أيها المسؤولون، يامن وكلتم أمورنا راقبوا الله في قراراتكم، فالشارع المغربي يغلي، من مثل هذه القرارات، ونحن في غنى عن التصادم بين الشعب والسلطات.
يجب أن نبقى لحمة واحدة حتى نكيد الأعداد والمتربصين بنا وبوحدتنا الوطنية، حاولوا أن تعودوا على هذا القرار، ولنتخذ كل إجراءات السلامة حتى تفتح بيوت الله في رمضان، لنشهد من جديد ذلك العرس القرآني الرباني، وحتى نعطر أسماعنا بآيات الذكر
الحكيم، وحتى تمتلئ نفوسنا بعبق القرآن العظيم، وإلا فالصورة بالشارع قاتمة، والنفوس وجلة متربصة، وكما قيل الفتنة نائمة واللعنة على من أيقظها.
أرجو أن أكون قد وفقت في رسم صورة ولو من زاويتي، ومن خلال قلمي على ما يدور خارج أسوار بيتي، فهذه الصورة جاءت انطلاقا من استقراء آراء الناس حول قرار المنع، وحول الضجة والرفض التام لهذا القرار…