رضوان سليماني – بلاحدود bilahodoud.ma
قال تعالى: “هل جزاء الإحسان إلا الإحسان”. بالأمس القريب وبالضبط زمن الاحتلال الفرنسي للجزائر، وقف المغاربة حكومة وشعبا مع إخوانهم الجزائريون من أجل مقاومة المستعمر الفرنسي الغاشم، لبلد إخواننا وأشقاؤنا أيام الأمير عبد القادر، وقد تسبب هذا الموقف الشجاع للمغاربة، من خلق أزمات مع الحكومة الفرنسية. ومع ذلك لم يندم المغاربة من موقفهم، ولم يضنيهم أو يخيفهم الاستعمار الفرنسي.
كيف لا، وهم يقومون بدفع العدوان أو المساعدة في دفع العدوان على إخوانهم وبني جلدتهم من الجزائريين المسلمين، وتمر أيام الاستعمار سوداء مظلمة على كلى البلدين، ويحصل كليهما على الاستقلال، وبدل أن يحفظ الجزائر معروفه للمغرب، عمل جنرالاته وساساته الذين نشك أصلا في وطنيتهم وانتمائهم لبلد المليون شهيد، عملوا على احتواء المنشقين والمتمردين من أبناء المغرب وجعل منهم وطنا مستقلا.
وقد استعمل ساسة الجزائر هؤلاء المرتزقة والمغرر بهم ورقة للعب، عله يجد معبرا وواجهة بحرية على المحيط الأطلسي، منفذا وطمعا أنساه أو جعله يتناسى مواقف المغرب وأياديه البيضاء الكثيرة على إخوانه وأشقائه الجزائريين.
وإن ما يحز في القلب ويندى له الجبين، هو عندما تكون الطعنة من الخلف وممن لا تتوقع منه ذلك، فضرب القريب أكثر إيلاما وخطورة من ضرب البعيد. فالألم ألمان، ألم ظاهري إذ بات المنشقون ورما خبيثا يجثوا على أراضينا وصحرائنا، وألما باطنيا لأن من زرع هذا الورم ليس البعيد أو العدو، بل هو أخوك ابن أمك وأبيك وأنت لم تسئ له في شيء، على العكس كل مواقفك معه كانت مواقف رجولية، حتى أنك عرضت نفسك للخطر من أجله…
يا للمهانة ويا للخزي والعار، وقفنا معكم كي تطردوا المستعمر، وها أنتم اليوم تجازونا بأن تضعوا لنا ورما خبيثا في أرضنا، أهكذا يكون الجزاء.
أناشد الشرفاء، أناشد العقلاء، أناشد الحكماء في بلد المليون شهيد، وأقول لهم بأعلى صوتي، أعلم أنكم لستم المسؤولين عن هذه القرارات الهوجاء واللامسؤولة، ولكن أحملكم مسؤولية الضرب على أيدي ساستكم كي يوقفوا هذه المهزلة التي ستجر المنطقة إلى حرب لا تحسب عواقبها ولا ندري إلى ما ستؤول إليه.
أناشد إخوتي، فالعداوة ليست معكم، بل أنتم أشقاؤنا وأحبتنا والله يشهد. لا تستفزوا المغرب حتى لا تروا منه ما يسوؤكم، وحتى لا تجروا المنطقة إلى مزيد من التشردم والشتات، في الوقت الذي يعرف العالم فيه التكتلات والتلاحمات الإقليمية.
إن حرب الصحراء المرتقبة، إن لم نوقفها ستجرنا جميعا إلى ما لايحمد عقباه، ونحن إذ نقول بهذا، لسنا خائفين، ولكننا لسنا متهورين..
إخوتاه، كلموا ساستكم، وقولوا لهم ارفعوا أيديكم عن ملف الصحراء، إذ هو ملف مغربي محض، ولا دخل لكم فيه لا من قريب ولا من بعيد، إذ كان يفترض بكم أن تعيدوا المنشقين إلينا أو تعقلوهم، لا أن تشدوا على أيديهم وتشجعوهم وتجعلوا منهم ورقة تهددون بها أمن واستقرار المنطقة.
أفيقوا من سباتكم، فالصحراء مغربية شاء من شاء وأبا من أبا، وكل ذرة من رمالها مقابل روح من أرواحنا، ولسنا بظالمين أو مغتصبين، بل نحن مظلومين في هذه القضية جملة وتفصيلا، وممن ظلمنا للأسف من إخواننا.