بلاحدود bilahodoud.ma
تحمل الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمملكة المغربية، بدعوة كريمة من الملك محمد السادس، في طياتها عدة دلالات جيوسياسية واستراتيجية محضة، حيث تسعى باريس من خلال هذه المحطة الاسثنائية إلى إعادة هيكلة مكانتها داخل القارة الإفريقية وتعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي، وتقوية روابط التعاون والشراكة مع عدد من دول المنطقة.
وتحاول فرنسا الاستثمار في القوة المغربية داخل القارة الإفريقية، التي وصفها العديد من الخبراء بـ”الناعمة”، حيث تمتلك الرباط سياسة متينة تجاه الأفارقة، في إطار “جنوب جنوب” وبمنطق “رابح رابح”، في ظل الرؤية الغربية المتذبذبة التي غيرت مكانة العديد من الدول الأوروبية في شمال وغرب إفريقيا.
وقال موسى المالكي، أستاذ باحث في الجغرافيا السياسية والقضايا الجيواستراتيجية، إن “زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمملكة المغربية، تحمل طابعا تاريخيا متجددا في إطار العلاقات الثنائية بين البلدين، وفق منظور جيوسياسي واقتصادي جديد يستجيب إلى عدة متغيرات على المستوى الدولي”.
وأضاف المالكي، في تصريح صحفي، أن “العديد من القوى العالمية تحاول الحفاظ على مكتسباتها ومصالحها الاقتصادية والسياسية في العديد من المناطق، في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية المطروحة، مع خلق مساحات جديدة لفرض نفسها في عالم متعدد الأقطاب”.
وتابع المتحدث عينه أنه “هناك متغيرات أثرت بشكل كبير ليس فقط على المستوى الدولي وإنما على الصعيد الإقليمي والقاري، وحتى الأورومتوسطي الذي يشهد تنافسا قويا بين هذه القوى العالمية، علما أن فرنسا كانت لها نفوذ اقتصادي وسياسي في شمال وشمال الغرب الإفريقي وأيضا بلدان الساحل، باعتبارها مستعمر سابق لهذه المناطق”.
وأضاف الباحث في الشؤون الاستراتيجية أن “فرنسا تحاول إعادة بسط مكانتها في القارة الإفريقية وإعادة إصلاح العلاقات مع الدول الإفريقية، من أجل الاستفادة من المنافع الاقتصادية وأيضا تقوية نفوذها بالمنطقة، عبر بوابة المملكة المغربية التي تجمعه علاقات وطيدة مع مجموعة من دول المنطقة”.
وأشار أيضا إلى أن “توقيع حوالي 22 إتفاقية في مختلف الميادين يدل على إعادة تشكيل بنية قوية للعلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا، من شأنها أن تزكي مبادرة “جنوب جنوب” ومنطق “رابح رابح”، في إطار يتماشى مع الاستراتيجيات المغربية في القارة الإفريقية”.
وخلص المالكي حديثه قائلا: “المغرب يعمل على توفير بيئة مستقرة من أجل نشر السلم والسلام والاستقرار في القارة الإفريقية باعتبارها ملتقى بين القارة السمراء والأوروبية، في ظل توسع بؤر التوتر في العديد من مناطق العالم”.