بلاحدود bilahodoud.ma
قال الدكتور الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، إنه “بعد السفر والتنقلات بين مختلف جهات المغرب خلال العطلة المدرسية، يزداد خطر وباء الحصبة أو بوحمرون”.
وأضاف حمضي، أن تفشي هذا الوباء يشكل خطرا على الحياة وعلى الصحة والحياة المدرسية والحياة الاجتماعية والاقتصادية والتحديات التي يواجها المغرب، منبها إلى أنه “بدون مناعة جماعية، لن يكون هناك عودة إلى الوضع الطبيعي السابق والآمن”.
وحذر حمضي، من خطر ظهور أمراض طفولية أخرى، مؤكدا على الحاجة لإجراء تحقيقات لفهم التراخي في مراقبة أمراض الطفولة ومراقبة مستويات التطعيم وتوفير اللقاحات وتردد الأسر في تلقيح أطفالها.
ويرى حمضي، أن “التحقيقات والمراجعات داخل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ضرورية لفهم ما حدث خلال السنوات القليلة الماضية”، لافتا إلى “تأثير جائحة كوفيد 19 من ناحية وتردد الآباء في تلقيح أطفالهم من ناحية أخرى، إذ رغم أن هذا حقيقي، فإنه لا يفسر وحده كل هذا الانخفاض في مستويات التلقيح التي وصلناها”.
وطالب حمضي، بإجراء دراسات وتحقيقات “لفهم التراخي في تقديم التطعيم من جانب المراكز والمصالح المعنية والعاملين في المجال الصحي، ونقص الموارد البشرية، والإضرابات المتكررة والتوقف عن العمل، وانعدام التحفيزات لدى المهنيين”، مبرزا أهمية التحقيق لفهم ما حدث، وتصحيح الوضع، ومنع تكرار نفس الوضع مرة أخرى.
ودعا حمضي، إلى ضرورة معرفة أسباب تراخي المراقبة الوبائية لأمراض الطفولة، وهو الوضع الذي سمح بظهور حالات الحصبة على نطاق واسع دون اكتشاف عودتها في الوقت المناسب.
وتساءل: كيف انخفضت معدلات التطعيم إلى هذا الحد دون وجود مراقبة لمعدلات التطعيم على المستويين الجهوي والوطني والتي من شأنها تقديم التحذيرات الضرورية في الوقت المناسب للتعويض قبل تفشي الأوبئة.
وشدد على ضرورة القيام بـ”دراسة عاجلة لفهم الأسباب العميقة لترددالأسر في تطعيم أطفالهم، من أجل تحسين التواصل والمعلومات والتوعية وإنجاح حملات التلقيح الاستدراكية واستئناف التلقيح الناجح في بلد كان رائدا عالميا في مجال تلقيح الأطفال”.
واعتبر حمضي، أن استئناف الدراسة بعد العطلة المدرسية سيعمل على إحياء وباء الحصبة الذي يضرب المغرب، مبينا أنه “بعد حوالي عشرة أيام من المدارس الفارغة، سوف يتباطأ الوباء لمدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، قبل أن يستأنف نشاطه بسبب انخفاض مستوى المناعة الجماعية”.
وتابع: “لكن بسبب الاختلاط الاجتماعي الناتج عن السفر والرحلات والاجتماعات العائلية خلال العطلة المدرسية فإن المرض سيكتسب قوة”، مشيرا إلى أن تلاميذ المدارس يساهمون في نقل المرض إلى أسرهم ومجموعات أخرى من السكان.
وسجل أنه “ما دام مستوى المناعة أقل من 95% ضد مرض الحصبة، فإن المرض سيستمر في الانتشار في شكل أوبئة”، مبرزا أنه “سيتم تحقيق هذا المعدل من المناعة إما من خلال التطعيم وإنقاذ الأرواح، أو من خلال المرض، مع التضحية بالأرواح المفقودة والإعاقات مدى الحياة والحياة التعليمية والاجتماعية والاقتصادية المعطلة، وفي الحالة الأخيرة، سيظل المرض وبائيا بين الرضع والأطفال الذين سيولدون بعد”.
وخلص حمضي، إلى أن “الإجراءات المتخذة على مستوى المدرسة مهمة وضرورية وجوهرية وحيوية، ولكنها لا تزال غير كافية”، مشيرا إلى أن “الحصبة مرض شديد العدوى وخطير، ولكن لحسن الحظ يمكن الوقاية منه، رغم أنه يؤثر سلبا على جهود المغرب في مجال الصحة والتحديات الحالية والمستقبلية التي تواجهها البلاد ككل”.
ودعا حمضي، إلى استئناف التطعيم ضد أمراض الطفولة الأخرى واستدراك المتأخر منها، مضيفا أن انخفاض معدلات التطعيم لا يتعلق فقط بالحصبة، بل إن الأمراض الأخرى في جدول التطعيم هي بالتأكيد أقل من معدلات الحماية، ومن هنا يأتي خطر ظهور أمراض أخرى مثل السعال الديكي والدفتيريا وشلل الأطفال وغيرها.
وشدد على ضرورة رفع مستوى الوعي بين جميع البالغين المولودين بعد عام 1980 والذين لم يتم تطعيمهم بالكامل ولم يصابوا بالحصبة مطلقًا للحصول على التطعيم، وخاصة بين الفئات المعرضة للخطر، مبرزا أهمية إرساء التطعيم الإجباري ضد أمراض الطفولة القاتلة، والتي أثبتت اللقاحات الخاصة بها مستويات عالية جدًا من الفعالية والسلامة.